استيقظت هذا اليوم من حلم غريب،
شفرات هلوسات وهذيان، لم اتبين منها في عمق نومي، سوى شكل صديق لي
مهووس بالسياسة وكان على فراش الموت، في نزعه الأخير، يهذي
بالأحلام الموءودة، والوطن الغنيمة، والحقوق المسبية، الانتخابات
والجماهير، العيد... الدخول المدرسي... ويدندن:
المعطي رقع البراكة، وركب المسمار
ورقية رطبت الخبز، رطبتو بالما، و رفستو بالحلبة
ورمات القدرة عل النار
وتعشوا المنكوبين، تعشو عشا الكلاب...*
لم اعلم كيف دخل الحلم صديق ثان، من نفس جيل الأول غير انه أصغر
سنا، انحنى على اذن الصديق المحتضر كما لو كان سيلقنه شهادة: "لا
تنس ان تخبرهم هناك، أن كل الآلهة هنا، أصيبت بلوثة السياسة،
خِرقةٌ تُجمَع ويُلعَب بها، "
هل كان الصديق الأول يسمعه؟ كان مغمض العين يدندن!
وحْفْظنا وقَفّْلْنَا
وما قْفّْلْنَا
كُونْ قَفّلْنَا كُونْ فَوّْرْنَا...*
"إيه كُونْ قَفّلْنَا كون ما متنا"
يهزه صديقي الثاني من كتفه يوشوش في أذنه، اسمع هذه النكتة ومت.
وأنا أعد فنجان قهوتي الأول، وجدتني احكي لنفسي تلك النكتة،
لم يكن معي أحد بالبيت لأتقاسم تداعياتها معه، أرويها لك صديقي
مترجمة للفصحى، إذ الحلم كان بلغة الأم "كلامنا الدارج" :
" يحكى أن بقرة، دخلت حقل عشب القنب الهندي، أكلت منه، شبعت، خرجت
من الحقل تموء كالقط... هبت ريح المساء، استفاقت البقرة على صوت
موائها، التفتت الى مؤخرتها، رأتها كبيرة، خجلت، تردد : ويلي وليلي
وليلي**"
وقال صديقي هكذا تدخل الأحزاب الكبيرة الحكومات وهكذا تخرج منها.
* من قصيدة "المعطي رقع البراكة" للشاعر رضوان أفندي. غناها سعيد
المغربي في الربع الأخير من القرن الماضي.
** ويلي ويلي، تعبير بالدارجة المغربية، وتعني يا لمصيبتي،