دراسات روايات

قصص

شعر صاحبة الموقع

خاص

فرنسية فن تشكيلي قصص شعر

مختارات 

Bookmark and Share
       

حليمة زين العابدين

المغرب

قصص قصيرة

حليمة زين العابدين

2.  الصداقة، لا ترث الحب

( قصة قصيرة)

مساء جميل...
تعرفني، وأعرفك. 
أعرف كل جوانب الملاك والشيطان فيك، أعرفك إنسانا، وأعرف كل تلاوين هذا الإنسان، أنت.
تعرفني في كل حالتي، وتعرف أني لا أشارك امرأة جسد رجل أحبه. فكيف يكون ذلك وقد صرن نساء طوابير، كل منهن تنتظر نوبتها في ارتشاف جسده.
نعرف معا أن علاقة الجسد بيننا، قد توقفت منذ سفرنا الأول إلى تلك المدينة، التي نقلت لك هوسي بها... وأعرف، كما تعرف أننا في علاقتنا الجسدية مع الأخر الذي عبرنا سريره أو عبر سريرنا بعد قطيعتنا الجسدية، لا نكون معه، نكون مع ذواتنا وفي الذات ذاك الحاضر في الغياب... 
وأعرف أنك تحتفظ بكل الاشياء التي كانت لك وكل المخلوقات التي مرت بأفضيتك، لا تتخلص منها، ولا تلقي بها في سلة المهملات، مهما تقادمت، ومهما تلاشت، ومهما لم تعد صالحة لأي شيء، وتعرف أني لا احتفظ في ذاكرتي، أو فضاءاتي، بما انتهت صلاحيته، أشياءٌ كانت أو كائنات حية سوى تلك التي تسكنني فعليا. 
أعرف أنك احببتني، وتعرف أني أحببتك كما لم تحب امرأة رجلا، ونعرف معا، بقدر كبر الحب الذي كان، كان الألم وكانت المعاناة، وكانت الأذية. آذيتك بصمتي المفاجئ دائما، وتقلبات مزاجي، وآذيتني بكل أشكال الغيرة التي لا يتخيلها عقل إنسان. كانت تعذيبا نفسيا فوق القدرة، وفوق الاحتمال...
أصبح كلانا يخاف الآخر، يخاف عذابا يأتيه منه... أقول الخوف لا الحقد. خوف نتج عنه عدم الثقة، لا أنا استعطت ان اطمئن لك، ولا أنت استطعت... ولم ننجح في ان نصبح اصدقاء رغم رغبتنا... كما لم ننجح في ان ينزع اي منا الاخر منه رغم كل المحاولات....
لم نصبح أصدقاء، ولن نصبح أصدقاء... تصنعنا صداقة ولم نقدر على الاستمرار في اللعبة.
يقين أن الصداقة لا ترث الحب. ويقين مطلق أننا لن نسترجع ما كان بيننا، لأننا هدمناه، كل بعتاده وأقوى سلاحه، وإن لم تنطفئ ذؤابة منه، لازلت تتقد تحت ركام الخراب الذي أحدثه كل واحد منا بوجدان الآخر ونفسيته.
تلك الشعلة بداخل كل منا والتي تخبو حينا وتتقد أحيانا، هي التي ترتعش في، حين أحن إلى شاعرة كنتها مرة واحدة في حياتي، وغادرتني ولم ترجع، وبقي شعر يذكرني اني كنت عاشقة.
ذاك الشعر قرأته أمس على صديقة لي، أذهلها، قالت لي انشري قصائد منه، 
أجبتها: لا. حين ألحت، حكيت لها سياقه وظروف كتابته، وعن الإنسان الذي كُتب له ومن أجله، والسبب الذي يمنعني من نشره...
قالت: اعطيني قصيدة أنشرها على جداري الفايسبوكي...
قلت: لا. هي له وحده، وهو يحتفظ بها ضمن أشيائه.
قالت: كلميه، قولي له إن الشعر كتب له...
أجبت: هو يعرف هذا، وأنا أزلت رقمه من هاتفي...
قالت: اكتبي له رسالة، أخبريه أن القصيدة لا تحيل سوى على لحظة كتابتها.
كتبت لك الرسالة... ونسيت، لم أرسلها...

حليمة زين العابدين / المغرب

 

Conception _ Création _ Desisgn: Halima Zine El Abidine