دراسات روايات

قصص

شعر صاحبة الموقع

خاص 

فرنسية فن تشكيلي قصص شعر

مختارات 

Bookmark and Share
       

الشاعرة

رتيبة كحلان

الجزائر

رتيبة كحلان

1. جدران باردة

انتظرني  هادئا كما كنت...
في بعيدك...
قد تنهر عن الغزالات فوهات البنادق التي تصطادها رغم قلتها...
قد تفكر بي وفي خيمتي المغروسة في العراء...
قد تخاف علي من تمسكي بوطن لن يعود، وقد تنسى أنك منذ زمن لم تلتفت للجدران الباردة التي تنتصب بيننا...
أنا في غربتك… وأنت في غربتي  لا شيء يجمع الشتات سوى الحرب التي تحصد الأمنيات في بعيدك...
لا تفكر بي ولا حتى في أسراب الحمام الخاملة التي لا تهاجر في مواسم الثلج، وتفضل أن تموت متجمدة... الوطن هو الوطن حتى لو كان قطعة ثلج ستذوب بعد قليل.
هادئا كما كنت ...
انتظرني، لأجمع عن قبيلتي، ما تبقى من عمائم، وطرابيش وشوارب وأمنيات...
انتظرني، لأدق في الجذور المسامير، ولأزيل عن العتبات آثار أقدام من مات هاربا من وطن إلى منفى...
من موت إلى موت
انتظرني حتى يكبر أطفالي... حتى تعرف عيونهم شكل الشمس، والقمر، وملمس الحبر، والمطر...
وانتظرني هادئا كما كنت ...

2. كتابة على ظهر رجل منصرف
 

كملح بحر ذُبتَ في دمي ...
انسكبتَ كما ينبغي ... فِيَ
في مسافات ركضي ...
في انحنائي...
في جلوسي... إلى طاولة أفكاري بين مسامات حروفي
تخترق ساعاتي التي تطول وأنا أحرض الذاكرة على النسيان فأرفع صوت حرفي ... وأفتش عن صداك
أفرش الليل لأحلامي ... ثم أنهض لأنام بعيدا عنها ... علّني أحلم بعيدا عنك، وأنتظر الصباح الذي قد أكبر فيه عن أي قالب جاهز للفجيعة التي تهيئنا للنسيان المرّ... وأنسى مهارات كلماتي... وأنسى سطوري... أصير امرأة آهلة بالصمت، ماهرة في القفز على حفر جراحها... وأصير  أخرى (/ربما) نكرة زمنك القادم وأعبر لكل البحار التي لا تتبنّى الموانئ... ربّما ينتشلني غرق ما حين أرفع حرفي ... وأفتّش عن صداك في عمامة الليل الفضفاضة، أبعد عنّي كلّ الخرافات التي ضللتني بك أكثر ...
يأتي الفجر النقي يبدد أوجاعي ثم يمضي ويتركني خلفه كمنارة عتيقة تُشهد البحر أنها غريبة عن كل اليابسة التي زُرعت فيها ... وتكبر غربتي بين كل مد وجزر ...
ها أنا بعدك... بُنية العينين أسرق من دمعي... دمعتين... فواحدة ... لحضورك المستحيل، وواحدة لي ... لي وحدي حين أرثي نفسي.
كل اقتراب كان يغري بالابتعاد، والدمعتين الوحيدتين... تسرجان كل الغياب حين أعبر آخر مرج مخضّر تركتَه قبل أن أعبئ حقائبي بحبرك...
كان حبرك... يستعد ليُتم معلَّق في أفق ما... بين حديّه تقدير لسنن النهايات...
ها أنا أعود كنهاية... مرتجفة القلب أرفع صوت حرفي وأُفتش عن صداك، فلا أوفر كلامي... حين تمر بوريدي، ولا أوفر كلامي... حين يشدني الوقت الفارغ منك... إليك
 لن نعود يوما كما ذهبنا (... قال شاعر وانصرف)
لي قليل من الحظ... قليل جدا... لا يكفيني...
لا يسدّ رمق احتجاج نفسي..
لا يسكت همسي...
لا يجذب خطاك إلى دربي...
ولي كذلك دفتر يبتزّني كل حين، يأخذ مني بوحا يخصك... عله يوجعني بك... لأكتبك أكثر وأنت الواقف على حواف الكلام ترميني بصمت بارد لا يشبه ... صمتك
فأصمت ... وأترك مرآتي فارغة بلا ضوء حين أُنكر ملامحي بدونك ...
مرآتي الفارغة تخرج في الظلام لتفتّش عني لست ... (البعيدة)
فهناك كنتُ... على الرمل وقعتُ...
على المحارات التي تجازف حين تجيء تحمل البحر إليك... وقعتُ
ومثلي على الرمل وقعتَ...
نفضت ظهرك... ومضيت، لن تدرك ألمي حين تدير ظهرك...
حين تغمض عينيك على وسائد صبري المتروك للفراغ...
الآن ... تعذبني النهايات والصمت صار دربا وعرة لا تظللها أي سحابة وخطانا الأخيرة فيه تتبنى كل ملامحنا، تبرز فجأة كل عورات الانصراف، فاجعل لظهرك... اتساع الحقيقة المنسوجة بآهاتي ... حين أواجه نفسي لطالما بدا كغربة عوجاء...
 لا تأتي بذكرياتنا كما ينبغي
واترك لي فتنة ظهرك ... فأنا قررت رغم مضي أن أكون دوما سربا من الحمام، يحط عليك حين تنام
سربا من الحمام... يمسك بطرفي حلمك... ينقر كوابيسك
سربا من الحمام...
 ولا يكفي فلظهرك اتساع يتناسل دوما... يرفض ظمأ الانكماش... يبتلع انحدارات شكوكي، يتّسع لارتفاعات آمالي... يضمّ تلال فرحي في مهدها ... تلك التي لم تكبر وإنّي لأعرف أنّي وقعت عن ظهرك بلا صدى، وأنّي شعرت في الأخير أن ظهرك منفى وأصبعي الصغير حين يكتب عليه جملته الأخيرة يرسم فيه ثغرا، يبتسم للسماء تمطر كل سحبها... تنزاح عني كل أملاحك  فأرفع صوت حرفي... لأفتش عن صداي فاخرج من ظهرك حين تنصرف .... علك تخرج مني.

رتيبة كحلان / الجزائر

قائمة شعراء من الجزائر
قائمة شعراء من دول العالم

قصائد الشاعر(ة)

1.جدران باردة

2.كتابة على ظهر رجل...

 
الاتصال

Conception _ Création _ Design: Halima Zine El Abidine