دراسات روايات

قصص

شعر صاحبة الموقع

خاص 

فرنسية فن تشكيلي قصص شعر

مختارات 

Bookmark and Share
       

رواية على الجدار لحليمة زين العابدين

قراءة  

الأستاذة: رشيدة لكحل

رشيدة لكحل
رواية على الجدار

مدى مفتوح على الحلم والبحر

 

نسكن مدينة واحدة، غير أن زمن اليوم هو زمن النت، لا احد يطرق باب الجار يسأل عن حاله، لا احد يسافر للعائلة يحيي معها أواصر القربى ، يستحضرون الذكريات حول صينية شاي أو حول طاجين لذيذ. لم يعد أحد يضرب موعدا مع صديق أو صديقة للمناقشة وارتشاف فنجان قهوة... العالم كله داخل علبة الحاسوب، الأصدقاء والأزواج والرفاق والأهل والأبناء وزملاء العمل تحت أزرار مفاتيح الحاسوب...
هكذا تصف رواية على الجدار حيواتنا في زمننا الافتراضي هذا... هكذا وبكل دقة يجد كل واحد منا نفسه بين دفتي هذه الرواية...وتتجسد أمامنا حقيقة واحدة: العالم قرية صغيرة...
هكذا استهلت الصديقة الرائعة حليمة زين العابدين روايتها التي رافقتها في كل مراحل ولادتها...
هذه الولادة العسيرة...
ليس بسبب عسر الكلمة او عصيان القلم بل لأن حليمة كتبتها في ظروف من المرض والعياء النفسي... فشكلت بامتياز تحديا كبيرا يؤكد لمرة اخرى قوة هذه العظيمه على تحمل كل شيء حتى مخاض الكتابة المختلط بوجع استحضار كل الانفعالات لشخصيات طبعت خيالها فجسدتها في شخصية “نفيسة...
على الجدار رواية الزمن الراهن بامتياز... رواية تسحبنا من الوحدة إلى الرفقة الكثيفة ...حيث لا حدود تمنع تسكعنا من جدار لآخر... رواية تؤرخ لتيهنا العجيب الذي يصلنا ببعضنا بخيوط عنكبوتية دقيقة...ويسمح لنا بان نقرا ونكتب ونحب ونكره ونفكر ونناقش وندعم ونشجب ويسمح لنا أيضا بان نثور...
نفيسة يخلف أو إيماجين شخصية الرواية الأولى عاشت حياتها الافتراضية على هذا النهج... تداعب حلمها الثوري الأبدي من خلال السفر على جدران الأصدقاء... حيث لا أحد يطلب منك جوازا أو تأشيرة للدخول...
هكذا من على الجدار صفقت نفيسة لثورة الياسمين النابتة على خد تلقى صفعة الإذلال، هكذا أيضا تلقفت أخبار ثورة كادت أن تنجح بأرض اليمن غير السعيد...هكذا رافقت شباب ميدان التحرير وهم يدثرون مصر بكفن من لحي...
وهكذا ترقبت شباب فبراير بالوطن الحبيب لتنزل معهم محققة حلما قديما بالثورة ضد فساد مستشر... وبما أنها أحلام من العالم الافتراضي... فإن الخيبة تلقي بظلالها بإصرار شديد... فلا ثورة تؤتي أكلها ولا وطن يغني عن التيه...لا شيء غير البحر يفتح ذراعيه... بمداه المفتوح على الحلم وبرجله الذي يحمل بين كفيه جرعات من الحياة يسقيها لنفيسة ثم يرحل... غريب...
هو البحر في رواية على الجدار، يجعلك تتذكر قراءاتك الأولى لكتابات الروائي حنا مينة ذات مراهقة جميلة...حيث رجال البحر ونساؤه مرفأ للحياة.
للجدران صداها الطيب في رواية حليمة... لها فيضها من الإنسانية... ولعلبها الخاصة سمها الزعاف...هكذا تنقلنا نفيسة من عالم مفعم بالحب إلى عالم خسيس... تحكمه حسابات ضيقة لأشخاص غير أسوياء يوقعون بالنساء في مستنقع الفضيحة القذر ... هكذا تساند نفيسة صديقتها الضحية وتحملك عبر قصتها إلى عالم الأزواج المليء بالقهر والحرمان والبؤس العاطفي الذي يدفعك للسؤال: ما الذي يدفع مجتمعا معاصرا كالذي نعيش فيه للمحافظة على مؤسسة تقتل القلوب وتحرم الأجساد؟ لكن الجواب يتلقفك بين سطور الرواية صارخا بوعي يتجاوز الإدراك إنه الدين... ذلك المنجم الذي يسبغ كرمه على كل من يتقن المتاجرة به في زمن طغى فيه الجهل على نعمة العقل...
كما لرواية على الجدار عالمين... لقراءتي البسيطة عالمها الممتد في الواقع... فقراءتي هذه لا تزعم أن تكون نقدا، ولا قراءة أدبية، ولا حتى شهادة في حق رواية على الجدار، هي مجرد مشاركة انطباعية ذاتية عن عمل أدبي يحمل فكرة جديدة وموضوعا راهنا....عمل تربطني به ذكرى خاصة...ذكرى وصل بين تمطى في الزمن حتى جاوز الست عشرة سنة....أمثل أمامكم اليوم كشخص مجهول لا يعرفه احد لا أمارس في الأدب سوى جريمة القراءة النهمة ،امثل أمامكم بصفتي تلميذة سابقة للسيدة حليمة زين العابدين شاءت الصدف أن تلتقي سبلنا افتراضيا ...على جدران شرفاتنا الفايسبوكية، مباشرة بعد صدور رواية على الجدار. ولا أخفيكم أنني لم أستطع وأنا أقرا رواية على الجدار للمرة الأولى أن افصل بين نفيسة يخلف والسيدة حليمة زين العابدين، فقد عرفتها امرأة مفعمة بالتمرد... بالسعي وراء حلم الحرية، امرأة بقصة وحذاء رجاليين وبفكر مغرق في الوعي النسائي، عرفتها امرأة خبرت السجون وألفت النضال، امرأة اذكت جذوة السؤال وهي تدرسني، باقتدار شديد، مؤلفات التدجين الممنهج التي تضمنتها منظومتنا المدرسية البليدة في سلك الثانوي، اقتدار فتح زاوية النقد والتفكر على مصراعيه أمام ذهني القاصر. امرأة لم تفترش أبدا مقعد المدرس طيلة سنتين. امرأة لا تملك إلا أن تحترم زهدها والتزامها في الحياة. وأستاذة من زمن جميل… زمن كان فيه التعليم رسالة للنور.
التقيتها على الجدار بعد عقد ونصف... وجدتها كما تركتها: حليمة وحالمة فأمطرتني حبا وأمومة لا أملك إلا أن أعلن صاغرة تشرفي بهما، واحتضنتني كابنة لها تشاركني فرحي وآلامي وبضع أشياء اخرى تمنحنا رفقة صديقات جميلات فرحا بالحياة.
في الختام أود أن أؤكد أن نفيسة يخلف كما حليمة زين العابدين، هي صورة مركبة ومركزة لنساء كثر... نساء من جيل يحمل غصة الخيبة في حلقه.... لكنها أيضا صورة لنساء ثائرات حالمات منتقدات صورة لكل النساء. على الجدار .

رشيدة لكحل  / المغرب

محور جميع الروايات

 3. على الجدار/ قراءات

جميلة السيوري
ذوات تتوق للتمرد
 
عبد العزيز العبدي
نبش على الجدار
علي بنساعود
لو يصلنا هذا الربيع
خديجة شاكر
 من الوهم إلى سكينة الحب

عبد العاطي جميل
تقميشات على الجدار
 
جمال الفزازي
حوارية الربيع العربي
رشيدة لكحل
 الحلم والبحر
 
الاتصال

 

Conception _ Création _ Desisgn: Halima Zine El Abidine